مدارات حوارية
أصابعها تعزفها شعراً .. الشاعرة ياسمينة حسيبي في مدارات حوارية
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حمودي الكناني
في هذه الحلقة من مدارات حوارية تستضيف المثقف الشاعرة ياسمينة حسيبي وحوار شامل وصريح أجراه معها الأديب حمودي الكناني، فاهلا وسهلا بهما في المثقف
هي ياسمينة حسيبي، اسمٌ على مسمى، كلما سألتَها عن شيء تجيبُك بلغة الشعر فتتركك محلقا معها في فضاءات كل ما فيها يخلب اللب . توخزها أبرُ الذكرياتِ فتزدادُ حنيناً وشوقاً وتقضي نهارَها تتسولُ رائحةَ الأهلِ و"تطلق الآه حينما نشربها كؤوس الشايِ المنعنعِ في الغياب"! ... يوما أضاعت ياسمينة دفتر شخابيطها التي كان " ينفخ فيها جبران خليل جبران لتستحيل بإذنه خواطرَ بنكهة الحلم " في رحلةِ قطارٍ فمرضتْ بداء الشعر حتى استفحل وصار مرضها المزمن وليته كان معديا .
تلقت تعليمها الجامعي بكلية الآداب والعلوم الانسانية بمدينة الدار البيضاء ثم هاجرت الى سويسرا لدراسة التجارة والاشتغال بها في مدينة جنيڤ، عملت مساعدة في تنظيم التظاهرات الثقافية العربية بزيورخ وجنيڤ ومترجمة من الفرنسية للعربية بعدة مواقع وصحف ومجلات بمدينة جنيڤ، لها ديوانٌ قيد الطبع بعنوان "أصابعك تعزفني وردا" وتنشر في العديد من المواقع والمجلات الإليكترونية العربية، مقالاتُها السياسية تُنشر في "رأي اليوم والتجديد العربي "
وتمثل رابطة الكاتبات المغربيات بسويسرا"
فأهلاً وسهلا بشاعرتنا الجميلة ياسمينة حسيبي في مدارات حوارية في المثقف الغراء وكل عام و هي بخير والمرأة العربية بخير!
س1: حمودي الكناني: حدثينا عن ياسمينة الطفلة؟
ج1: ياسمينة حسيبي: في وسط محافظ جدّا..
وبمدينة الدار البيضاء الساحلية، رأيت النور، فحاولت أن أعبرهُ رغم " عقدة" الخجل الشديد، مددتُ البصر صوب أمداء الحلم وقطفت الورد الذي غافل العطرَ في مسافاِت الخيال.
ارتأيتُ، وأنا الطفلة الخجولة، أن أكبُر دون إحداث أيّ ضجة، فكانت الكتب تسعني كلما ضاقت بي مساحة العمر.
كنت أستعجل العودة من المدرسة لأنفرد بكتب أمّـي، أفتحها ثم أركض فيها لا ألوي على شَيْءٍ.
ومن جرّاء ذلك، أُصبتُ بــ"وَباء" القراءة، وقادتني الكتب صوب مدارات تتجاوز فهمي وإدراكي الطفولي .
وفوجئ بي أهلي، بعد سنوات قليلة، أدخل سنّ المراهقة وانا أحمل في يدي "خيالاً" أطول من قامتي ..
ولا أحدَ فكّر حينَها أن يقصّ من أطرافه كي يُصبح على مقاسي!
س2: حمودي الكناني: نستلقي أحيانا بعد عناء تهَدْهدنا الذكرى فنغمض الأعين مشتاقين، فإلى ماذا تشتاق ياسمينة عندما تحتوشها الذكريات؟
ج2: ياسمينة حسيبي: لا يُسأل "غريب الوطن" عن الذي يشتاقه في لحظة ذكرى!
يكفي أنه يعاني من "أرق الأرض" .. ويقضي النهار يتسوّل رائحة الأهل.
الذكريات لا " تهدْهِد" الغريب بل تَرْقَعه سياطًا من حنينٍ يصبح بعدها يتحاشى الدخول إلى نفسهِ.
وتبقى كلمة شوق عاجزة عن إيصال معنى هذا " الشيء" الذي يصيبني كلما وَخزتني إبَر الذكريات ..
فحنيني " هولٌ" يقبع فوق سطح رُوحــي منذ سنين..
لكني مهما اغتربتُ، يبقى وطني هو ذاته الذي أمسكَ بتلابيب نبضي حين غادرت مطار " كازابلانكا" .
س3: حمودي الكناني: متى بدأتِ الحكاية ُ" أنت والحرف"؟
ج3: ياسمينة حسيبي: كلّ ما أتذكره : شخابيط كانت تداهمني في لحظة قلق عارم . فأُصفّفها بيد مرتعشة في دفتر أزرق.
رافقني "دفتري" حتى مقاعد الجامعة ثمّ ضاع مني في رحلة بالقطار الى مدينة فاس..
لقد بكيته بحرقة أم ثكلى .
بكيته لأن جبران خليل جبران كان ينفخ في شخابيطي، لتستحيل بإذنه خواطرَ بنكهة الحلم!
س4: حمودي الكناني: ما الذي دفع ياسمينة حسيبي - الانسانة الشفيفة المحبة لوطنها الكبير - الى الاغتراب والعيش بعيدا عنه؟ أ هو شظف العيش أم فقدان الحب وهشاشة الحبيب ....؟
ج4: ياسمينة حسيبي: * اغترابي كان " ملاحقةً " لخيطٍ رفيعٍ من الحلم!
كان قناعة بأن السنوات التي قضيتها في جامعة الحقوق والعلوم الانسانية بوطني تُعادل ليلة أرق أَعدّ فيها الخراف التي تقفز من فوق السور.
يومهاَ، لم يكن أصعب من الرحيل إلاّ .. أنا!
اخترتُ أن أتورطَ في الحرية بــ "أوْربة عربية"
وما كنتُ لأقترفني في الغربة لولا أن أوروبا رمتْ بنفسها في حضني فوجدتُني أعانقها بكلتا ذراعيّ .. ثم أبكي.
س5: حمودي الكناني: أتتوجعين عندما يهمس بأذنك شاطئ المحيط "اني مشتاق لطبع اقدامكِ على رمالي"؟
ج: ياسمينة حسيبي: البحر ذاك المكان/الزمان الذي كبرتُ بفضل تموجه في روحي!
أذكر أني كنت أمشي على صفحته .. نسَبًا ومفاخرة!
أنتمي للبحر بشهادة النوارس وبشهادة خطوي على الرمال .
وكلما تلاطمتْ ذكرياتي، أشتم رائحة البحر وكأنه على كثرة الماء حريق لا ينطفئ في القلب.
ولا أحد يعرف بأنه لم يتبقّ مني سوى: رائحة البحر وإسم وطني.
س6: حمودي الكناني: كم مرة تطلقين أه إثرَ آه وعلى ماذا؟
ج: ياسمينة حسيبي: أُطلق الآه حين تشربني كؤوس الشايِ المنعنعِ في الغياب! وحين يلُوح في الأفق حزنٌ بحجم " العرب " فأتدفّق فيه حتى آخِــري.
أُطلق الآه .. على أجساد مفتوحة للرصاص على مدار الساعة
على فراغاتنا المبقّعة بالدم ..
على غريب يمشي في الجهة الاخرى من الثورة ويلوح لي بساقه المبتورة.
على الذين أطلقوا الرصاص على أحلامهم .. ثمّ ناموا في الكهف!
أُطلق الآه .. كلما تذكرت أن انتماءناَ لنفس الطين أصبح مشكوكا فيهِ
وأن أبوابنا الكثيرة لا تُفضي إلى .. شَيْءٍ!
س7: حمودي الكناني: الشعر تلك اللغة السامية التي يعبر فيها الشاعر عما يحسه ويراه فمتى يبدأ هاجس بناء القصيدة عند الشاعرة ياسمينة حسيبي، هل تتغشاها إلهاما وتأخذها سكرة، أم حلما له اجنحة يحلق بها؟؟
ج7: ياسمينة حسيبي: ليست لي طقوس معينة في الكتابة، يكفي أن يكون " حضوري كاملاً" عند توزيع شطائر الحلم.
لكني أحس بالحرية عند كتابة نصي الشعري، فالشعر لا يقيّدني إلا بنحوٍ أو بإعرابٍ وما عدا ذلك، أتدفّق على الورق دونما حساب، وعلى طريقتي .
ولعل روعة الشعر تتجلى في كونه كائنا حيّا لكنه لا " يُلمَس" إلا بالروح وهذا ما يفرِّق بين تجربة واُخرى ..
فتجد بعض النصوص الشعرية تُقرأ كـما الصحيفة اليومية وأخرى تُقرأ كـ"استلطاف" للشاعر وثالثة تحوز على نقطة إعجاب أما النصوص الشعرية الحقيقيّة فهي التي تسحبك من روحك صوب الدهشة والجمال من خلال بنائها ولغتها وتقنيتها.
لهذا فهاجسي الشعري يتجاوز نصوصي الشخصية ..
هاجسي هو " قصيدة النثر الحديثة " كتجربة إنسانية تتطور بتطور الزمن وتصنف بمقدار الشعرية فيها وبإيقاعها الداخلي وبخروجها عن المألوف اللغوي والبحث عن تقييمها على أساس "منهجية نقدية عربية حديثة " بعيدًا عن التنظيرات والمصطلحات الغربية التي تجاوزها الزمن .
س8: حمودي الكناني: أتابعك فأجدك عاشقة مولهة حينا وحينا عابدة متبلة وكلا الحالتين حب عميق، فمن هو الحبيب؟؟
ج8: ياسمينة حسيبي: أتدري ياسيدي أن هذا هو السؤال الوحيد الذي فكرت فيه مرتين؟
يقول نيكوس كازانتزاكيس الذي ألف الأوذيسة صاحبة الـ 33333 بيتًا:
"أحاول طرد الشعراء من مكتبي، والشعرَ من قلبي. فليتنحَّ هوغو لسافينيي، ولامرتين لجيرِنغ، والشعرُ للواقع. ومع ذلك، أمامي، في اللحظة التي أكتب إليك فيها، فتحتُ دانتي ومانزوني، فيما مكتبي مزيَّن بهوغو وسولوموس. ومع ذلك فمن الضروري أن أصير محاميًا. صراع رهيب يحتدم فيَّ، وآمل أن أحبَّ الحقوق. غير أن الشعر يستحوذ عليَّ. إنه مثل ساحرة عاشقة جميلة، في نهديها ينسى المرء كلَّ العذابات وفي نظرتها يشعر بارتعاشة اللذة "
أنا أيضاً درست المحاماة لكن الشعر استحوذ علي وأهداني حبيباً أطولَ قامة من خيالي وأكبر عمرًا من تجاربي، يأتي ويحضر معه كل أصناف العشق والتصوف، يأتي فيحررني ويسكب الضوء في روحي ثم يفتح لي الباب كلما أردت ان ادخل نصّا شعريا جديداً.
س9: حمودي الكناني: كلهم أولادي، هذا ما دأب عليه الأدباء، كل الأدباء تقريبا، حينما نسألهم عن أحب اعمالهم إلى قلوبهم فهل نعتبر ياسمينة استثناء وتبين لنا أحبهم الى قلبها؟
ج9: ياسمينة حسيبي: في انتظار أن تنضج تجربتي، لا يحق لي أن "أفاضل" بين نصوصي الشعرية، فكل نص يمثل " فترة معينة" من منجزي بحسناتها وسيئاتها وربما أَحب الأعمال إلى قلبي هي تلك التي لم أكتبها بعد!
لكني أحسّني قريبة جدا من نصي " لا تُعَنْـــوِنُنِي القصائد" الذي أقول فيه:
"وإنِّـي لَأخشى عليـكَ من غـنـج الورد الأثيم
ومن عِــطـر يستأنفكَ في القواريرِ
أخشى عليــكَ مِـنّي ..
فأنا المكشوفة أوراقي في غموض النساءِ
تُحاصرني الحقائب بثلج الرحيلِ
أنا السّاكنة في الخامِس من طوابق الريح ..
حيث لا تُمسكُ بي يدُ القلب
أنا التي تُنازعكَ العطش عند منهل الماء!
شغفي بكَ كما بِالمطر : أتُــوقُه وأحتمي منه
إمرأة .. لا تُعَنْـــوِنُها القصائد
ويرتَكِـبُها الشِّعر بقدسيّة الزلَـلْ "
س10: حمودي الكناني: هل أجلستْ ياسمينةُ يوماً قلبَها على كرسي الاتهام وتلجلج في الدفاع عن نفسه؟
ج10: ياسمينة حسيبي: لا أبدًا لم يحصل ..أنا مدينة لقلبي بالكثير
فهو الوحيد الذي لا يطرح عليّٰ الاسئلة!
وهو الوحيد الذي فتح لي الموصد من أبواب الحياة بما في ذلك باب الشعر ويكفيه ذلك براءةً من كل اتهام .
س11: حمودي الكناني: طيب سيدتي الجميلة، طلبتُ منك أن تحدثيني عن ياسمينة الطفلة، لربما عن ظفائرها، عن حقيبتها المدرسية وعن ..وعن فبماذا تحدثيني عن ياسمينة المرأة الشاعرة؟؟
ج11: ياسمينة حسيبي: ربما أهم ما يميز ياسمينة الشاعرة هو أنها لا تطرح نفسها كسؤال على العالم من حولها .
انا أكتب على طريقتي وبما يتماشى مع رؤيتي الشخصية للشعر بمفهومه الإنساني وليس بمفهومه " المهرجاني أو الجوائزي" لا أكتب الشعر من أجل " التواجد" بل لأقدم شيئا جميلا أجد فيه نفسي .
أبتعد عن تكرار نفسي لهذا فانا مقلّة في الكتابة والنشر واستغرب جدًا ممن يكتبون وينشرون نصين أو ثلاث نصوص شعرية كل أسبوع مع التحفظ على معنى "النص الشعري".
أتساءل فقط كيف يمكن ذلك؟
أضع نصب عيني أنه فيما مضى كان الشاعر ينظم القصيدة في شهر، ثم ينقّحها في عام وإن كان الزمن قد تغير إلا أني أؤمن بأن كتابة النصوص الشعرية حتى الرديئة منها تحتاج على الأقل لــ" حضور كامل" للشاعر في نصه.
س12: حمودي الكناني: الشعرُ ... آه منه ومن الشعراء .. يُقلب فينا المواجع، يجعلنا نجافي الكرى ... يجعلنا نمسك بمقابض النوافذ كأننا نريد كسرها عن عمد،
أهُم الشعراء وحدهم يريدون الانقلاب على المألوف القاسي أم هو مجرد إيهام؟
ج12: ياسمينة حسيبي: الشعر يعبر عن قلق الانسان، عن تقصيه لليقين من خلال الشك.
وعليه، فالشعر وإن كان في غالب الوقت مشخصنا في مضمونه إلا أنه يتجاوز الذات والزمكانية في رسائله الإنسانية.
هذا من جهة المضمون، اما شكلاً، فالشعر وحده قادر على إخراج الكلمة عن المألوف وشحنها بالدَلالات الغيْرِ مألوفة من خلال منظومة الخلق والتوليد.
ويري "بيليز " أن الشعر توسيع المعرفة المتداخلة كأنّ الشخصي يساوي السياسي، والسياسي يساوي الشخصي.
وكم من الأحداث سقطت سهواً من التاريخ فعثر المؤرخون على تفاصيلها منقوشة في قصيدة لشاعر معروف أو غير معروف .
وخلال قرون من الزمن كان للشعر الوجداني والسياسي تأثيرهما سواء انسجم مع رؤى العامة أو تقاطع معها.
س13: حمودي الكناني: عالمنا اليوم يفتقد عناصر التوازن . هناك قوة أحادية تخطط وترسم وتدبر وهناك جهات منفذة .... فهل من خلاص واعادة التوازن العالمي لتجنيب العالم ما يعرف بالفوضى الخلاقة التي بدأت تأكل كل شيء؟
ج13: ياسمينة حسيبي: وحدثَ من شدة الفرح أن اطلق احدهم النار في الهواء احتفالا.. فأصاب العريس وقتله وهذا يشبه الى حدّ كبير ثورات الاوطان العربية.
كلنا نعرف أن الفوضى الخلاقة بالمعنى السياسي لمايكل ليدين هي مشروع التغيير الكامل في الشرق الاوسط الذي أُعِد في 2003 والذي يقوم على أساس الهدم ثم إعادة البناء أي بمعنى الصدمة الكهربائية التي تعيد الحياة، لكن الحديث عنه يستلزم عدة صفحات لهذا سألخص القول بأن ما حدث من زعزعة للأنظمة العربية كان بمؤشرات تتماشى مع المصالح السياسية والاقتصادية الامريكية والاسرائيلية بمنطقة الشرق الاوسط.
وقد وجدتْ في بؤس الانظمة العربية غايتها فتحول العالم العربي بين ليلة وضحاها إلى ميدان حرب بلا مستقبل واستيقظت النعرات الطائفية مستغلة الفروقات العرقية والدينية والعشائرية فأفضت الى كوارث سياسية واجتماعية دراماتيكية لتجد امريكا نفسها تتعامل مع تنظيمات وعصابات وميليشيات عوض الحكومات.
الفتيل اشتعل اكثر حين قدمت امريكا دعمها للإسلام السياسي الذي احتكر ما سمي بالثورات ثم سار ضد خططها فيما بعد، مما أدى الى تضارب سياستها مع حلفائها في المنطقة مع تقارب أمريكي / ايراني زاد من انقسام الادارة الامريكية على نفسها وتقارب سعودي/ إسرائيلي مضاد، ناهيك عن فشل امريكا والدول الغربية في الملف السوري واستعادة روسيا لدورها الفاعل كمنافس أو كبديل في المنطقة. ولهذا يصعب التكهن بالمستقبل في ظل التغييرات الجذرية التي ستطرأ على التحالفات بالمنطقة والتي تنذر بسايكس بيكو جديد تشجعه حكومات عربية في وضع مهترئ وصعود "مخرّب" للتنظيمات الأصولية المتطرفة التي أؤمن بانتهائها قريبا لأنها تنظيمات لا قدرة لها على البناء.
س14: حمودي الكناني: الآن تخيلي أنك الامين العام للأمم المتحدة فماذا تقولين في أول خطاب موجه للعالم أجمع؟
ج14: ياسمينة حسيبي: لا يمكنني أن أتخيل ذلك ..
فالأمم المتحدة التي تأخذ قراراتها وفق السياسة الامريكية وخُططها، لن تعيد الكرَّة وتمنح فرصة تولّي هذا المنصب لـ"عربي" آخر بعد بطرس بطرس غالي الذي لم يحظ بموافقة أمريكا للتجديد في منصبه عكس كل الأمناء قبله وبعده.
ومع ذلك، سأحاول أن أفترض بأني "عربية" تتوجه الى العالم فتقول:
" أيها العالم، أرأيتَ هؤلاء الأطفال اليتامى الذين يبتسمون في وجهكَ كالملائكة؟
إنهم يقفون الآن في منتصفِ التَعب ما بين الثلج والإرهاب!
يسألونك لماذا يموت آباؤهم ؟
ستكون مجبرًا أن تخبرهم يوما بأن آباءهم ماتوا في حروب وهمية، أختُلقتْ بسبب البترول وكساد الأسلحة في مصانع أمريكا.
س15: حمودي الكناني: هل ستتولى المرأة القيادة يوما وتقول للرجل تنحّ ايها المكابر ما عدت تقدر على فعل شيء فالدور ليس لك؟
ج15: ياسمينة حسيبي: في الغرب حدث الأمر وانتهى!
أعيش في بلد تحكمه امرأة وأجاور بلدًا تحكمه امرأة ( سويسرا وألمانيا)
أما اذا كان السؤال يهمّ المرأة العربية فأنا أؤكد لك أن :
" مستقبلها أصبح مجهولا" في ظل تردّي الأوضاع من جراء كذبة كبيرة اسمها الربيع العربي.
وانها اليوم تسعى فقط لاسترداد ما كانت قد كسبته قبلاً من حقوق بعد صراع مرير لأجيال وأجيال.
ففي ظلّ "الرقّ الحديث" بالوطن العربي والذي تباع فيه النساء في سوق الرقيق وتُوزع كغنائم حرب بإسم الإسلام، سيصبح الحديث عن تاريخ المرأة العربية يحدّد بما قبلَ .. وما بعد داعش!!!
س16: حمودي الكناني: هل يجانب النقد الحقيقة احيانا بسبب علاقة الناقد الشخصية بالاديب؟
ج16: ياسمينة حسيبي: نعم للأسف وفي أغلب الأحيان!
حيث أصبح من الشائع اليوم، بروز أسماء لشعراء وشاعرات والاحتفاء بمنجزاتهم ومنجزاتهن رغم افتقارها لشروط الصنعة الابداعية لا سيما بعد أن انتشرت في الساحة الشعرية النباتات الطفيلية التي لا علاقة لها بالشعر أو بالنقد وكثرت دور النشر والكتب التي لا تستحق الطباعة ولا حتى النشر فَظهر نتيجة كل هذا " أدب المحاسيب" الذي يعتمد على الشللية والإخوانيات والمحاباة وانتشرالرياء النقدي والتلميع الاعلامي وأصبح أغلب الابداع رهين بمصالح متبادلة فغابت المعايير الحقيقية للنقد والتي من المفروض أن تقطع بين الحقيقي والمزيف من الابداع مما أثر على ذائقة المتلقي وتراجعت ثقته في الشعر وفي الأدب بصفة عامة.
س17: حمودي الكناني: من من الشعراء هو الاقرب في شعره الى هواجس ومكامن روح الشاعرة ياسمينة وما هو النص الذي كتبه شاعر تتمنين لو أنك كتبتِهِ؟
ج17: ياسمينة حسيبي: القصيدة النثرية اليوم في مأزق اذ أصبحت أغلب النصوص الشعرية تتشابه الى حد كبير ومن الصعوبة البالغة أن تجد نصاّ شعريا يلمس رُوحــكَ بكلماته ..
لهذا فأنا اقرأ فقط .. لمن يسحبني بعيدا عن هذه الربكة الحاصلة في المشهد الشعري ويجعلني أدخل عوالم " الحرية الشعرية" من بابها الواسع . اقرأ لمن يجدد " الرؤيا" في الواقع من خلال نصوصه الشعرية ويقفز على المفاهيم المألوفة بغض النظر عن الأسماء .
أمّا النص الذي تمنيت لو اكون كاتبته فهو قصيدة " القصيدة " للشاعر الفلسطيني الراحل معين بسيسو، فحين اسمع صوت الفنان الراحل كرم مطاوع يردد " سفرٌ .. سفرْ" تشتعل الحرائق في روحي ولا يهمني بعدها أن يهطل المطرْ!
http://youtu.be/HGCyijPvJIw
ياسمينة حسيبي: كل الشكر والتقدير لك أيها الأديب القدير حمودي الكناني .. لأنك فتحتَ الباب وجعلتني أدخل إلى نفسي وأخرج منها دون .. خسائر فادحة!
خاص بالمثقف
حمودي الكناني
صحيفة المثقف
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.